كتاب


الحلقة المفقودة في حوار " من حارم الى شارلي " (3)


عندما نريد التكلم في أحاديثنا عن الثقافة أو كلام اخر إلا و نستدل بدلالة غربية أو نأخذ الغرب كدليل أو بداية للخوض في أي مناقشة و كأنما العالم كله يوجد في الغرب و أمريكا الشمالية بالخصوص و كأنما أيضا أنا بداية حياة مرتبطة بهذه الأمكنة لا غير.

و أتساءل أيما سؤال و سؤال كيف جرى أو ما حصل للتاريخ الأدبي و الفكري و العلمي هل لم يكن موجودون علماء و مفكرين غير الغربيين في أسيا الشرقية و الغربية هل لم يكن هناك علماء مسلمون هل لا وجود لإفريقيا.
و استدلالنا بهم واجب نظرا لتفوقهم العلمي و التكنولوجي لكن ليس الى حد التوقف عن التفكير و الإنتاج الفكري و البحث في العلوم و الاعتماد عليهم كلية في شتى الأمور حتى أصبحنا نعتمد عليهم في مأكلنا و مشربنا
في وقت سابق عندما كان الغرب يعتبر العلم شعوذة و دجل و كفر كان أسلافنا تنوير و معرفة و تقدم
عندما كانت الحضارة الإسلامية في القرون الوسطى في أوج عطائها خاصة بالأندلس كان الغرب غارق آنذاك في ظلمات اعتقاداتهم فتح لهم علماء و مفكري الأندلس الطريق إلى النور نور المعرفة نور العلوم هذا ابن حزم و ابن رشد الكبير و الصغير و ابن الطفيل و الكثير منهم
أخذوا من غيرهم العلوم و وضعوا له أخلاق و أسس التزموا بأخلاقها بعد أن تعلموها عن غيرهم من الأمم و نقلوها إلى اللغات التي يستعملونها في حياتهم اليومية و صنعوا لها طريق عابر واحد كما وحدوا المصطلحات العلمية و الفكرية و وحدوا الحدود لا للطائفية أو للمحاباة بين أبناء شعوبهم تميزوا بالاحترام المتبادل
مشكلتنا الوحيدة اننا نأخذ من الثمار أو من الفاكهة إلا القشور و ندع اللب لب المعنى الفكرى
و عندما نقيس أو نعمل بالقياس إما اننا لا نعرف نقرأ أو نقرأ و لا نفهم أم نحن أغبياء
من الضروري أن نتطرق إلى التاريخ الذي يحمل بين صفحاته مجموعة من مآسي و افراح أمة بعض الأحداث التي سجلها التاريخ و دونها و البعض الأخر الذي طمسته أنانية الإنسان عبر السنين بين ماض و حاضر و مستقبل مشبوه فيه.
فكان هذا هو السبب الرئيسي لاختياري عنوان " من حارم إلى شارلي " مداخلتي الذي أعتبره مدخلا أو نقطة البداية للواقع العربي المشئوم الذي لا مفر منه، رغم انتصار نور الدين الزنكي في معركة حارم التي كانت اول طريق لهذا الواقع العربي المرير.
و بدأ العرب ينتقلون من هزيمة الى هزيمة اخرى و من نكسة الى اخرى اختا لها هذا واقعنا اننا نتكلم الكثير و لا نفعل القليل نروي انتصارات غيرنا و ننحني أمام هزيمتنا و لا نعرف كيف نحافظ على هذا الانتصار و الاستثمار فيه لفائدة المجتمع و الأمة.
من خلال هذه السطور سأحاول على حسب معرفتي تشخيص راهن الواقع العربي في البحث عن الأسباب او داخل هذه الأسباب
أولا : ثقافة الأبوية الانهزامية و هي الحفاظ على الشيء أو السيطرة عليه بأي ثمن و لو بالتضحية بمكاسب أمة الأهم عند هذه الفئة و من هنا تخلق الصراعات و التفكك داخل دواليب السلطة العربية ويتبنى كل مسؤول فيها فكرة الوراثة.
ثانيا: النخبة لم تعد تعمل ما تمليه سلوك
ثالثا : استيراد ثقافات أجنبية على ثقافتنا و شخصيتنا و الهدف من ورائها تدمير الشخصية العربية و سوء استغلال محاسنها و اسقاطها على ثقافة المجتمع.
رابعا : صراع الأيديولوجيات المستوردة أو المصالح داخل المؤسسات العليا و انتقلت عدوى هذه الصراعات إلى المؤسسات الصغيرة التي تمثل السلطة العليا في اسفل الهرم و افرزت شبه جمهوريات مماليك و امارات و أصبحت سلطة برأسين و تفككت قيم الأمة.
خامسا : سوء تسيير المال و الثروات عدم استغلال الثروات الأخرى التي تزخر بها هذه الأرض و وضع لها سياسة التسيير
فكل هذه الأسباب لا تصنع إلا شعب ضعيف و امة غير قادرة على دفع الضرر عن نفسها بأضعف الأيمان فهذه الندوة أو المرافعة التي أتفق نادي وحي القلم و البيان على الخوض فيها و كيفية القراءة فيها او دراستها "ندوة الواقع العربي و تحديات المستقبلية " مرتبطة بمفاهيم شخصية أغلبها مرتبط بالغريب المستورد الذي هو ليس من وحي أفكارنا البيئية العلمية و العقائدية،
لهذا لا نستطيع القول إن هناك واقعا تأسس من لا شيء خالي من هموم السياسة والاقتصاد والثقافة والتقنية ككل بالنسبة للفرد الذي وظف حاجاته لصالح ظروفه ومعيشته.
أن الواقع العربي المعاش دمر ذلك الحلم و الأمل الذي يسكن كل اسرة عربية بسبب طغيان سياسة معينة أو هدف معين على كل شي ء ورغم حالة البؤس التي يشهدها الواقع العربي و هذا في نظري يجب أن لا يولد إلا الإحباط والعجز،
فلا يزال واقعنا قابلا للإصلاح إن وجدت نيات جادة في هذا الصدد، ومن أجل الخروج من هذا الوضع يتطلب ابتاع الخطوات التالية التي أراها حلولا ناجعة إن أخذت على محمل الجد، في اعتقادي أن أول خطوات التي يجب اتباعها لأجل اصلاح هذا الواقع أو ترميم هذا الصدع و الخروج منهما هو اتباع الخطوات الآتية :
1) تصالح الحاكم مع الشعب و عودة إلى اختياراته  
2) فك ارتباط المثقف بالسياسة المقيدة بمعنى ان يخرج من حظيرة التفكير على مزاج الحاكم.
3) الابتعاد عن سياسات الترقيع و المصالحة بين افراد الشعب بطبقاتهم.

ليست هناك تعليقات